يومٌ لا يُنسى! 🎓
يومٌ لا يُنسى!
لستُ ممن يكتب يومياته، والأحداث الروتينية التي تحصل كل يوم، فأنا أشعر بالملل والضجر من الروتين المتكرر، وأشعر بأنه موتٌ بطيء للطاقة والانتاجية، ولكن الأيام المميزة في حياة الإنسان تستحق الذكر، فقد يكون يوماً مفعماً بالفرح والطاقة والحماس وقد يكون يوماً حزيناً كئيباً كسحابة صيفٍ عابرة..
..
ولستُ هنا لأندب يوماً وأبكي عليه، فقد اكتفيتُ من أسمال الحزن البالية، ولكنني بصدد ذكر يومٍ من أسعد أيام حياتي، يومٌ اختلطت فيه المشاعر، فخر، سعادة، اعتزاز، وفرحة الإنجاز..
..
عن يوم تخرجي أتحدث..
لا زلتُ أذكر هذا اليوم بتاريخه وتفاصيله وأحداثه، فقد كان في التاسع عشر من شهر أكتوبر لعام ٢٠١٤، عندما تخرجتُ من كلية الرستاق للعلوم التطبيقية، بصحبة ثلةٌ مميزة من الخريجين والخريجات، أصحاب الهمم العالية والطاقة العالية، ولا زلتُ أشهد إبداعهم وتفوقهم في مجال عملهم لهذا اليوم، فبورك ذلك اليوم بمن تُوجوا فيه بلقب خريج/ـة..
..
كالعادة تم إعطاء كل خريجٍ بطاقة دعوة واحدة لمرافق واحد، احترتُ لمن سأُعطي هذه البطاقة، لأبي أم لأمي، ولكنني حسمتُ أمري وأعطيتها لأمي الحبيبه، ولم يكن ذلك إنتقاصاً لفضل أبي _ رحمه الله_ الذي لن أنساهُ ما حييت، ولكن لعلمي بأن أمي ستفخرُ بهذا اليوم أكثر مني، كيف لا؟ وابنتها البكر _فرحة البنات كما تدعوني_ قد أصبحت على مشارف الطموح وتحقيق الأحلام..
..
في تلك الليلة كنتُ أنظر مراراً لمقاعد الحضور علّي ألمح أمي الحبيبة، ولكن لم أرى شيئاً، فاندمجتُ في برنامج الحفل، وعند انتهاء الحفل جاءت أمي إلي واحتضنتني بين ذراعيها، في تلك اللحظة تسارعت نبضات قلوبنا، وذرفنا الدموع فرحاً، وفجأةً رأيتُ اثنين من إخوتي بجانبي، واتسعت عيناي من المفاجأة، "كيف دخلتما إلى القاعة بدون بطاقة دعوة؟" قلتُ متسائلة، ابتسم أخي الأكبر، احتضنني، وقبّل وجنتَي؛ شعرتُ بالخجل حينها، وهمس لي: "لقد تدبرّنا الأمر!"..
..
لم تنتهي الليلة عند هذا الحد، فعندما كنتُ متوجهةً مع أمي إلى السكن الداخلي، لأجمع حاجياتي وأخرج من المكان الذي احتضنني لخمس سنين كانت مترعةً بالكثير من المواقف والقصص، مررتُ بالقرب من مقر اللجنة الإعلامية بالكلية، ووددتُ لو أُلقي كلمةً بسيطة تعبر عن شعوري الرائع في ذلك اليوم، أمسكتُ بناقل الصوت، وتلوتُ كلماتي المرتجفة، وشعرتُ حينها بالرهبة، وأنا أعلم بأنني سأغادر هذا المكان إلى غير رجعة..
..
فكرتُ في نفسي: "سأفتقد ضحكات الصديقات، وكوب الشاي الذي نعدهُ صباحاً قبل أن نذهب إلى المدارس في سنة التربية العملية، والتجمعات الليلية التي كنا ننظمها كلما حدثت مناسبة سعيدة لإحدى الرفيقات، وأسابيع الأنشطة الطلابية في الكلية، والورشات التدريبية، والمحاضرات الدراسية التي كنا نحضرها معاً، وأحاديث الفتيات التي لا تخلو من المشاعر الجياشة.."
..
حقيقةً افتقدتُ كل شيء بعد التخرج، حتى ملامح الوجوه، لم تعُد ذاكرتي تُسعفني بها، ما زال هاتفي يحتفظ ببعض الأرقام التي بلا روح، وبلا ملامح، وبلا أحاديث شيقة، لقد صارت الصديقات أيقوناتٌ وأرقام وصورٌ جامدة.. وهذا ما يؤسف حقاً، ولكنها سنة الحياة، نغادرُ أشخاصاً لنلتقي بآخرين، ولا يوجد شيءٌ يُسمى بالأبد، فصديق الثانوية ينتهي دوره عندما يبدأ دور صديق الكلية، وصديق الكلية ينتهي دورهُ عندما يبدأ دور صديق العمل، وهكذا..
..
ولا يبقى معك في النهاية إلا ذلك الذي لا تحكمه الظروف ولا المكان ولا الزمان في علاقته بك، ذاك الذي يتمسك بك جيداً، ولا يسمح للأيام ولا المواقف الصعبة بأن تسرقك من بين يديه، ذاك الذي تجده في حزنك وفرحك، ويفرح بإنجازاتك كأنه هو صاحب الإنجاز، ذلك هو الصديق الحقيقي، فحافظ عليه ولا تُفرط فيه..
..
ميثاء الراشدي
٢٧/١/٢٠١٩
يااا لها من أيام مضت ولم تمضي ذكراها، و كأنني ألمح مقعدي هناك ، و لحظة إعتليت المسرح لأستلم جهد السنين وقطافها ، نعم كنت معكم ولا زلت هناك معكم.
ردحذفهنيئا لكم التميز .. ولكل مجتهد نصيب .. الكتابة وحدها كالصور تخلد هذه الذكريات محفوفة بعبق المشاعر .. وحين نتكئ على الذاكرة تصبح الأفراح والأحزان على حد سواء متعة لا تضاهى . لقلمك الخلود ولروحك السلام .
ردحذف