وحين التقينا! ❤️

 وحين التقينا!

مرّت شهورٌ عدة منذ آخر لقاءٍ جمعنا، في ذلك المقهى الحزين، والذي يعتلي وجوه أغلب روادهُ سحنةٌ من الجدية والجمود، كل الوجوه يومها كانت ضبابية لا ملامح لها، ما عدا وجهٌ واحد.. وجهكَ يا سيدي، لا أعلم لِمَ لا أتذكر شيئاً من تلك الليلة عدا نظراتك الغامضة نحوي، تلك النظرات التي لم أستطع لها تفسيراً، والتي لا زالت تُلاحقني كلما لاحت تلك الذكرى البعيدة ببالي..
..
جلستُ على طاولةٍ صغيرة بالقرب من شتلات الورد والنباتات الاصطناعية والتي صُفَّت على حواف المقهى، لم انتظر كثيراً حيثُ كنتَ جالساً في الكرسي المقابل لي في نفس الطاولة في وقتك المحدد، لم أستطع أن أُخفي ارتباكي من رهبة اللقاء الأول، حاولتُ بشتى الطُرق أن أرسم ابتسامةً على شفتيّ، ولكن النتيجة كانت أقرب إلى تكشيرة، لا أدري لما نشعر بهذا الشعور الغريب عند اللقاء الأول؟!
..
كنتُ أنظر إلى كل شيء فيكَ ما عدا عيناكَ، إلى يديكَ المتعانقتين باسترخاء، إلى كُم ثوبك المزخرف بزخارف بيضاء رقيقة، ساعتكَ الفضية، ياقة ثوبك الرصاصي، لحيتكَ المحددة بطريقة معينة، ولكني عجزتُ عن النظر لعينيكَ، ثم تغلغل إلى مسمعي صوتكَ المخملي، والذي سافرتُ معهُ إلى عوالم أخرى..
- ما بكِ يا حبيبتي؟ لِمَ لا تنظرين إليَّ؟
- لا شيء.. أنا فقط.. أشعر ببعض الارتباك..
- مِمَ؟ هل أسبب لكِ كل هذه الربكة؟
ثم على حين غُرة مددتَ يديكَ نحوي لتحضُن يديَّ، فاجأتني هذه الحركة، وسرت موجةٌ كهربائية فيهما، حاولتُ التملص، ولكنكَ أحكمت قبضتك عليهما، كفارسٍ فاز بغنيمةٍ ويخشى ضياعها، ثم قُلتَ لي بنبرة آمرة يشوبها الحنان:
- انظري إلي، هيا، لن أُفلتَ يديكِ إلا بعد أن تنفذي ما أقوله لكِ..
- أرجوكَ اطلق يديَّ، كفاكَ جنوناً..! إنني أشعر بالإحراج.. (وقد احمرّت وجنتاي خجلاً)
- لا!! (قُلتَ بعناد صبياني، وأنت تشد على يديَّ أكثر)
- حسناً.. (قلتُ مستسلمةً، وأنا أشعر بيديَّ تتكسران تحت رحمة قبضتك القوية)
..
حاولتُ جاهدةً النظر إلى عينيكَ، ولكن شجاعتي خانتني لحظتها، ولعنتُها في سري، فأين تلك الفتاة القوية التي لا تهاب شيئاً، أين تلك الفتاة التي لا يُخشى عليها لو وُضعت بين ألف رجل، أتضعفُ أمام رجلٍ واحد؟ وأي رجل؟ من ملك فكرها وعقلها، وتلّ قلبها من تلابيبه.. يبدو أنك قد فطِنت إلى صعوبة الموقف، حررتَ إحدى يديكَ، ورفعت بها ذقني نحو وجهك، شهقتُ من الدهشة، لا لم تدهشني تقاسيم وجهك، فأنت تعلم بإنني قد ذبتُ عشقاً في تفاصيله، ولكن دُهشتُ لملامسة أناملك لوجهي، وسرت قشعريرة بكامل جسدي، وأحسستُ بأن الهواء من حولي بدأ بالنفاذ.. فكيف لتلك اليدين أن تملكان القوة والشدة والحنان والحب في آنٍ واحد..
..
تسمرت عيناي بعينيكَ الفاتنتين، كان كل ما في وجهك يبتسم، أما أنا فكنتُ كالبلهاء أنظر إليك، وقلبي يرتعش بين جوانحي، وقد انعقد لساني وعجزتُ عن اجترار كلمةٍ واحدة، قطع شرودي صوتك المحرج القادم من بعيد:
- أعلم بأنني وسيمٌ جداً، ولكن أرجوكِ كُفي عن التحديق بي بهذه الطريقة.. (ثم ضحكتَ ضحكةً محرجة)
- أوه أنا آسفة.. (وقد شعرتُ بحرارةٍ تلفح خديَّ)
- ماذا هل سنقضي الليل بطوله هكذا؟ ما رأيكِ بكوب قهوة؟
- حسناً..
..
أخيراً وصل كوبَي القهوة، أمسكتُ بكوبي بكلتا يدي، لأدفئهما، حينها وقعت عيناكَ على يديّ ويبدو أن المنظر كان مغرياً بالنسبة لك، فقربتَ يدكَ اليُمنى نحوي لتُعانق أصابع يدي اليُسرى، ضغطت عليها برقة، ثم ارخيت قبضتك، وقُلت لي:
- لم أشعر في حياتي بنعومةٍ كنعومةِ يديكِ يا جميلتي! حقاً أنا أحبُ احتضان هاتين اليدين، فلا تحرميني من هذا..
ابتسمتُ لك بحنان وأومأتُ برأسي إيجاباً، وشددتُ على يدكَ التي تحتضن يدي بحب، ومضينا ليلتنا اليتيمة في تبادل أحاديثنا الحلوة، ونحنُ لا نحسب للفراق حساباً، ولا ندري ما يخبأهُ لنا القدر من مفاجآت..
..
ميثاء الراشدي

١٤/٢/٢٠١٩

تعليقات

  1. أبدعتي بصياغة العبارات وبسياق الكلمات حقا انتي رائعة ...الحب الذي يكون بالأعماق لا يستحق إلا ان يكون مع رجل ملهم رجل ليس ككل الرجال مختلف عن الآخرووون ....كل التوفيق لك حبيبتي
    أعي جيدا بإنها قصة من وحي الخيال ولكنها رائعة كجمالك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وسيلة وليست غاية! 💕

من أنت في الحُب؟ ♥️

علمني كيف أنسى! 💔