ليتكَ كُنتَ تعلم!

ليتك كُنتَ تعلم

أيها المحبوب.. أردتُ أن أهمس في أذنيكَ شيئاً لطالما خالج وجداني، وضاق به قلبي، وأقضَّ مضجعي، وشغل فكري..

ليتك كنت تعلم بأنه لا يُقاس عمر الحب بالسنوات، إنما بالشعور.. ولا يُقاس بعدد مرات اللقاء، فأنا لم ألتقيكَ سوى مرةً واحدة.. ولا يُقاس بجمال المحبوب، فأنا قد عشقتُ كل مزاياك وعيوبك، ويكأنك قد خُلقت بلا عيب.. فعين المحِب تغفر للمحبوب كل هفوة وخطيئة.. وقد أحببتكَ بالرغم من اعترافك بحبكَ القديم، وأحببتكَ بالرغم من معرفتي بأن لا أمل في اجتماعنا تحت سقف بيتٍ واحد، وغامرتُ معك في طريقٍ مجهول، ومستقبلٍ غير واضح الملامح.. فأي عاشقةٍ مجنونةٍ كُنت؟

..

وليتك كُنت تعلم كذلك بأنني قبل مجيئك لعالمي، لم أكُن أؤومن بالحب قبل الارتباط، وكنتُ أنتقد أي فتاةٍ تحب خارج حدود الزواج، وأمقتُ من تسوّل لها نفسها بالكتابة والتعبير عن حبٍ خارج إطار الشرع، فأي أنثى جاهلةٍ كُنت! 

..

لم أعلم بأن الحب لا يستأذن أبداً، وبأنه يطرق أبواب قلبك بكل ما أُوتي من قوة، فلا تستطيع تجاهله.. فتهتف بصوتٍ عالٍ "لبيك يا حُب"، وتُلقي بمعتقداتك وعُقدك وقناعاتك عرض الحائط.. وتُهرول بقدمين عاريتين لتستقبل الضيف الجميل، فتشُق له عن قلبك وتقول له "هاك قلبي فتملّكه بما تحويه من شعور"، فأي أنثى ساذجةٍ كُنت!

..

وليتك كنت تعلم أيضاً بأنني قد أدمنتُ تفاصيلك، وكأنها تفاصيلي، عشقتُ الأشعار التي تترنم بها؛ عشقتُ قباني، والملوح، وجويدة، ودرويش.. فأي أنثى شفافة الشعور كُنتُ؟ رقصتُ طرباً على أنغامٍ تعشقها؛ كترانيم كاظم، وعبادي، وراشد، ومجيد.. فأي أنثى صعبة الذائقة كُنت؟ غرقتُ حد الثمالة في كوب قهوةٍ تُعدها كل مساء، وقبلك لم أدري ما القهوة، ولِما يتهافتُ الناس لرشفها والتغزل بها.. فأي أنثى ذات مزاجٍ خاصٍ كُنت؟

..

وليتك كنت تعلم بأنني قد دسستُ أنفي في أوراقك وقرأتُ تفاصيل حبٍ أضعتَهُ من بين يديك، وها أنت قد أضعتَ تفاصيل حبٍ آخر، قد انتهى قبل أوانه، لم تُكلف نفسك حتى للتمسك به، وبغريزة الأنثى التي لا تخيب، أشتم في ثناياها رائحة حُبٍ جديد يُولد لتوه، ولَكَم يؤلمني ذلك؛ أجل، يؤلمني حين أقرأ في حروفكَ ملامح أنثى غيري، يؤلمني حين أعلم أن حروفكَ ما عادت لي، يؤلمني حين لا أستطيع تجاوزك، وكأنكَ كنتَ الحب الأول والأخير، وكأن قلبي قد أعلن صيامه عن أي حُبٍ آخر..

وفي الختام أرسم شبح ابتسامةٍ على شفتَي وأهمس لك: "أيُ عاشقةٍ وفيةٍ بكبريائكَ قد أضعتَ!"

..

ميثاء الراشدي

٢٢/١٢/٢٠١٨